يتمتع ريال مدريد بنظام لعب قائم على التفاعلات العلائقية المتداخلة بين اللاعبين وبعضهم البعض داخل الملعب، مع تدخلات أقل من قبل المدير الفني السيد كارلو أنشيلوتي. يضع أنشيلوتي الإطار التكتيكي العام للاعبيه والذي يبدأ اللاعبون في التفاعل من خلاله؛ فلا يلتزم اللاعبون بموقع محدد مسبقاً من قبل المدير الفني كفرق بيب جوارديولا على سبيل المثال، الرجل الذي يؤمن بتمركز اللاعب في مكان ما وستصل له الكرة لا أن يصل هو إليها.
”الأمر لا يتعلق بالشعار. لو لم يكن لدى ريال مدريد مودريتش وكروس وفينيسيوس وبنزيما، فلن يفوزوا بأي شيء، لأن القميص لا يفعل ذلك بمفرده." -برناردو سيلفا، لاعب مان سيتي.
برناردو أصاب كبد الحقيقة، لأن مفهوم كشخصية البطل، هو مفهوم مطاطي وواسع المدى، يختزل الكثير من الخصائص التي تمتلكها الفرق ولاسيما فريق كفريق ريال مدريد بما يمتلكه من جودة مرعبة على مستوى الافراد، وما تسمح به هذه الجودة المبدعة لتعزيز علاقات اللاعبين المتداخلة على أرضية الملعب.
ما يساعد نظام ريال مدريد هذا، هو الجودة التقنية الاستثنائية التي تتمركز في هذا الفريق، خصوصاً في خط الوسط وخط الهجوم. فهولاء اللاعبين تمتاز خصائصهم بالتقنية العالية، مثل التمرير المتقن بأنواعه، مقاومة ضغط الخصم، مرونتهم الحركية القاتلة للخصم، عمليات الاستلام الموجه، التسديد القوي، سياقة الكرة وحملها لمسافات بعيدة مثل ما يقوم به رودريغو، فينيسيوس، ولوكا مودريتش.
ما يهمنا من تلك التقنيات هي قدرة هؤلاء اللاعبين على مقاومة ضغط الخصم وذلك من خلال حماية الكرة، اللعب من لمسة واحدة مع الزميل ومهاجمة المساحة سريعاً، وفوق كل ذلك حركيتهم الجسدية وتسارعهم غير المتوقع للخصم الذي تغلب على محاولات استباق لاعبي السيتي وهنا نضرب مثالين بهدفين لفينيسيوس جونيور، أحدهما في المباراة الماضية التي انتهت بالتعادل الإيجابي بين الفريقين 1-1، والأخر في ذهاب مباراة العام الماضي في الإتحاد التي انتهت بنتيجة 3-4 لصالح المان سيتي.
يعتمد تنفيذ مبدأ الاستباق في كرة القدم على عدة عوامل؛ التوقيت، المساحة، المسافة من اللاعب المُستبَق عليه، تمركز الزملاء، وخصائص اللاعب الذي يقوم بالاستباق واللاعب المُستبَق عليه.
لنبدأ بهدف فيني في مبارة الإتحاد ذهاب الموسم الماضي، لكن قبل الهدف علينا أن نتذكر هدف فودين وما قام به فيرناندينيو من عملية الاستباق.
بدأ هدف السيتي الثالث الذي سجله فودين من عملية استباق ناجحة لفيرناندينيو على فينيسيوس، ما يمكننا رؤيته هو تعامل دينو بشكل جيد مع اللعبة، فالرجل قرر الاستباق عندما لم يتفقد فيني ما يدور خلفه، بالإضافة إلى وجود روبين دياز قريباً من زميله الذي سمح له بالخروج والاستباق للعبة التي انتهت بهدف للسيتي. هنا لم يهمل دينو مرجعية الزميل والزيادة العددية التي وفرها له زميله دياز.
تفطن فيني سريعاً لميل فيرناندينيو لعملية الاستباق على حساب تغطية المساحة أكثر، وهنا وقع دينو في المحظور مع لاعب يمتلك من الذكاء والخصائص الفنية والتكتيكية، والتعامل الذهني القوي داخل اللقاء. في المرة الثانية التي قرر فيها دينو الاستباق، قام فيني باستخدام مرونته الحركية الجسدية لمقاومة ضغط لاعب السيتي ومحاولة استباقه مرسلاً به إلى دياره في البرازيل، ثم مهاجمة المساحة عن طريق سياقة الكرة بتسارعه المميز.
بالتأكيد في المرة الثانية أخطأ فيرنادينيو، فلم يكن مدافعي السيتي في موقف جيد على مستوى حماية المساحة، كذلك التكافئ العددي 3v3 في الثلث الدفاعي للسيتي. وضع استباق ددينو لاعبي السيتي لابورت وزينشنكو في مأزق وخصوصاً لابورت الذي لم يعرف هل يذهب لفيتي ويترك زينشنكو بين ناري كريم بنزيما ورودريغو غوس.
سياق مختلف وقرار واحد
ما يوضح الاختلاف بين الوضعيتين هو السياق الذي يخبرنا يفصّل في تفسير اتخاذ اللاعب لقراره. في الوضعية الأولى اتخذ دينو قرار الاستباق بناء على عدم تفقد فيني أين يقف المدافع خلفه، تمركز روبين دياز القريب منه والزيادة العددية التي وفرها له.
ماذا عن تكرار تلك اللعبة ولكن هذه المرة بعد عام من حدوثها وفي ملعب آخر وهو البيرنابيو.
سجل فيني هدف التقدم لريال مدريد بعد عملية خروج ناجحة من مودريتش وكامافينجا من ضغط السيتي ومحاولة استباق من قبل اللاعب روردي. نعم هي عملية الاستباق التي تحدثنا عنها سابقاً ولكن مع لاعب مختلف من لاعب السيتي يريد الاستباق على لاعب آخر من لاعبي الريال وهو مودريتش.
مع محاولة ضغط برناردو وكيفين للضغط على لاعبي الريال كاما وألابا، قام مودريتش بالنزول للأسفل لمساعدة زملائه على الخروج بالكرة من ضغط لاعبي السيتي. مع نزول مودريتش قرر رودري الصعود خلف الكرواتي وترك مساحة كبيرة خلفه ليستغلها بعد ذلك كاما في الانطلاق بالكرة بعد تمريرة حائطية( هات وخذ) مع الكرواتي البارع في مقامة الضغط بحركيته والتمرير من لمسة واحدة للزميل التي تُخرّج لاعبي الخصم اللعبة تماماً.
كان قرار رودري بمحاولة الاستباق والاقتراب من مودريتش في تلك الوضعية شبيهاً نوعاً ما بقرار فيرناندينيو السالف ذكره. العامل المشترك هو عدم اعتبار مرجعية المساحة الواجب حمايتها أولاً.
استطاع كاما الانطلاق بالكرة في المساحة الكبيرة التي خلّفتها محاولة استباق رودري غير الناجحة. انطلق كاما بالكرة ناحية الطرف محرراً فيني من رقابة ووكر، الذي استطاع الدخول للعمق وتسجيل هدف رائع في مرمى إيديرسون.
نهايةً، يتبين لنا أن محاولة استباق لاعبين مثل لاعبي ريال مدريد الذين يتمتعون بالجودة التقنية الاستثنائية هي آخر ما يجب أن تلجأ إليه، لأن هؤلاء اللاعبين لديهم كم من الخصائص التقنو-تكتيكية تُمكنّهم من اختراق حصون الفرق التكتيكية وأنظمتهم الصارمة إن وُجدت.
Share this post
قرار الاستباق للاعبي السيتي واستقبال هدفين حاسمين في ثلاث مباريات أمام ريال مدريد
Share this post
يتمتع ريال مدريد بنظام لعب قائم على التفاعلات العلائقية المتداخلة بين اللاعبين وبعضهم البعض داخل الملعب، مع تدخلات أقل من قبل المدير الفني السيد كارلو أنشيلوتي. يضع أنشيلوتي الإطار التكتيكي العام للاعبيه والذي يبدأ اللاعبون في التفاعل من خلاله؛ فلا يلتزم اللاعبون بموقع محدد مسبقاً من قبل المدير الفني كفرق بيب جوارديولا على سبيل المثال، الرجل الذي يؤمن بتمركز اللاعب في مكان ما وستصل له الكرة لا أن يصل هو إليها.
”الأمر لا يتعلق بالشعار. لو لم يكن لدى ريال مدريد مودريتش وكروس وفينيسيوس وبنزيما، فلن يفوزوا بأي شيء، لأن القميص لا يفعل ذلك بمفرده." -برناردو سيلفا، لاعب مان سيتي.
برناردو أصاب كبد الحقيقة، لأن مفهوم كشخصية البطل، هو مفهوم مطاطي وواسع المدى، يختزل الكثير من الخصائص التي تمتلكها الفرق ولاسيما فريق كفريق ريال مدريد بما يمتلكه من جودة مرعبة على مستوى الافراد، وما تسمح به هذه الجودة المبدعة لتعزيز علاقات اللاعبين المتداخلة على أرضية الملعب.
ما يساعد نظام ريال مدريد هذا، هو الجودة التقنية الاستثنائية التي تتمركز في هذا الفريق، خصوصاً في خط الوسط وخط الهجوم. فهولاء اللاعبين تمتاز خصائصهم بالتقنية العالية، مثل التمرير المتقن بأنواعه، مقاومة ضغط الخصم، مرونتهم الحركية القاتلة للخصم، عمليات الاستلام الموجه، التسديد القوي، سياقة الكرة وحملها لمسافات بعيدة مثل ما يقوم به رودريغو، فينيسيوس، ولوكا مودريتش.
ما يهمنا من تلك التقنيات هي قدرة هؤلاء اللاعبين على مقاومة ضغط الخصم وذلك من خلال حماية الكرة، اللعب من لمسة واحدة مع الزميل ومهاجمة المساحة سريعاً، وفوق كل ذلك حركيتهم الجسدية وتسارعهم غير المتوقع للخصم الذي تغلب على محاولات استباق لاعبي السيتي وهنا نضرب مثالين بهدفين لفينيسيوس جونيور، أحدهما في المباراة الماضية التي انتهت بالتعادل الإيجابي بين الفريقين 1-1، والأخر في ذهاب مباراة العام الماضي في الإتحاد التي انتهت بنتيجة 3-4 لصالح المان سيتي.
يعتمد تنفيذ مبدأ الاستباق في كرة القدم على عدة عوامل؛ التوقيت، المساحة، المسافة من اللاعب المُستبَق عليه، تمركز الزملاء، وخصائص اللاعب الذي يقوم بالاستباق واللاعب المُستبَق عليه.
لنبدأ بهدف فيني في مبارة الإتحاد ذهاب الموسم الماضي، لكن قبل الهدف علينا أن نتذكر هدف فودين وما قام به فيرناندينيو من عملية الاستباق.
بدأ هدف السيتي الثالث الذي سجله فودين من عملية استباق ناجحة لفيرناندينيو على فينيسيوس، ما يمكننا رؤيته هو تعامل دينو بشكل جيد مع اللعبة، فالرجل قرر الاستباق عندما لم يتفقد فيني ما يدور خلفه، بالإضافة إلى وجود روبين دياز قريباً من زميله الذي سمح له بالخروج والاستباق للعبة التي انتهت بهدف للسيتي. هنا لم يهمل دينو مرجعية الزميل والزيادة العددية التي وفرها له زميله دياز.
تفطن فيني سريعاً لميل فيرناندينيو لعملية الاستباق على حساب تغطية المساحة أكثر، وهنا وقع دينو في المحظور مع لاعب يمتلك من الذكاء والخصائص الفنية والتكتيكية، والتعامل الذهني القوي داخل اللقاء. في المرة الثانية التي قرر فيها دينو الاستباق، قام فيني باستخدام مرونته الحركية الجسدية لمقاومة ضغط لاعب السيتي ومحاولة استباقه مرسلاً به إلى دياره في البرازيل، ثم مهاجمة المساحة عن طريق سياقة الكرة بتسارعه المميز.
بالتأكيد في المرة الثانية أخطأ فيرنادينيو، فلم يكن مدافعي السيتي في موقف جيد على مستوى حماية المساحة، كذلك التكافئ العددي 3v3 في الثلث الدفاعي للسيتي. وضع استباق ددينو لاعبي السيتي لابورت وزينشنكو في مأزق وخصوصاً لابورت الذي لم يعرف هل يذهب لفيتي ويترك زينشنكو بين ناري كريم بنزيما ورودريغو غوس.
سياق مختلف وقرار واحد
ما يوضح الاختلاف بين الوضعيتين هو السياق الذي يخبرنا يفصّل في تفسير اتخاذ اللاعب لقراره. في الوضعية الأولى اتخذ دينو قرار الاستباق بناء على عدم تفقد فيني أين يقف المدافع خلفه، تمركز روبين دياز القريب منه والزيادة العددية التي وفرها له.
ماذا عن تكرار تلك اللعبة ولكن هذه المرة بعد عام من حدوثها وفي ملعب آخر وهو البيرنابيو.
سجل فيني هدف التقدم لريال مدريد بعد عملية خروج ناجحة من مودريتش وكامافينجا من ضغط السيتي ومحاولة استباق من قبل اللاعب روردي. نعم هي عملية الاستباق التي تحدثنا عنها سابقاً ولكن مع لاعب مختلف من لاعب السيتي يريد الاستباق على لاعب آخر من لاعبي الريال وهو مودريتش.
مع محاولة ضغط برناردو وكيفين للضغط على لاعبي الريال كاما وألابا، قام مودريتش بالنزول للأسفل لمساعدة زملائه على الخروج بالكرة من ضغط لاعبي السيتي. مع نزول مودريتش قرر رودري الصعود خلف الكرواتي وترك مساحة كبيرة خلفه ليستغلها بعد ذلك كاما في الانطلاق بالكرة بعد تمريرة حائطية( هات وخذ) مع الكرواتي البارع في مقامة الضغط بحركيته والتمرير من لمسة واحدة للزميل التي تُخرّج لاعبي الخصم اللعبة تماماً.
كان قرار رودري بمحاولة الاستباق والاقتراب من مودريتش في تلك الوضعية شبيهاً نوعاً ما بقرار فيرناندينيو السالف ذكره. العامل المشترك هو عدم اعتبار مرجعية المساحة الواجب حمايتها أولاً.
استطاع كاما الانطلاق بالكرة في المساحة الكبيرة التي خلّفتها محاولة استباق رودري غير الناجحة. انطلق كاما بالكرة ناحية الطرف محرراً فيني من رقابة ووكر، الذي استطاع الدخول للعمق وتسجيل هدف رائع في مرمى إيديرسون.
نهايةً، يتبين لنا أن محاولة استباق لاعبين مثل لاعبي ريال مدريد الذين يتمتعون بالجودة التقنية الاستثنائية هي آخر ما يجب أن تلجأ إليه، لأن هؤلاء اللاعبين لديهم كم من الخصائص التقنو-تكتيكية تُمكنّهم من اختراق حصون الفرق التكتيكية وأنظمتهم الصارمة إن وُجدت.